كل ما تريد معرفته عن أخصائي السلامة والصحة المهنية

كل ما تريد معرفته عن أخصائي السلامة والصحة المهنية

كل ما تريد معرفته عن أخصائي السلامة والصحة المهنية

يحدث أن نمر يوميًا بجوار ورش البناء والمصانع، نشاهد العمال منشغلين بأعمالهم، نرى خوذًا تُرتدى وسترات فسفورية تُلبس، لكن هل تساءلنا يومًا عن الدور الخفي الذي يقف وراء هذه الإجراءات؟ من الذي يضمن أن هذا العامل لن يسقط، وأن تلك الآلة لن تنفجر، وأن هذا المصنع لن يتحول إلى مأساة في لحظة غفلة؟ المسؤول عن كل ذلك هو أخصائي السلامة والصحة المهنية، ذلك الشخص الذي قد لا يعرفه معظمنا، لكنه الحارس الصامت الذي يجعل بيئات العمل أكثر أمانًا، يراقب التفاصيل التي لا نلتفت إليها، يضع القواعد التي تحمي الأرواح، ويتحمل مسؤولية عظيمة قد لا يدركها إلا حين تقع الكارثة، فمن هو؟ وما الذي يفعله؟ وما مدى تأثيره على بيئة العمل؟ وإن كنت ترغب في دخول المجال فما المؤهلات والمهارات التي تحتاجها، سأقدم لك إجابات على تلك التساؤلات في هذا المقال.


من هو أخصائي السلامة والصحة المهنية؟

هو الشخص المسؤول عن تقليل المخاطر المهنية داخل المؤسسات، ومراقبة الامتثال لمعايير السلامة، والتأكد من أن بيئة العمل لا تشكل خطرًا على صحة الموظفين والعاملين. يضع القوانين ويراقب التنفيذ ويحقق في الحوادث ويضمن ألا يتكرر الخطأ نفسه مرتين.

لكن مهامه تتجاوز مجرد تنفيذ القوانين؛ ببساطة يقف عند الحد الفاصل بين الوقاية والكارثة، بين الإهمال والمسؤولية، بين بيئة عمل آمنة وأخرى قد تتحول إلى ساحة حوادث.


المهام والمسؤوليات الأساسية لأخصائي السلامة والصحة المهنية

لا يكفي أن نضع لوائح السلامة على الجدران أو نوزع معدات الوقاية، فالأمان الحقيقي في بيئة العمل يتحقق من خلال ممارسات مدروسة وإجراءات صارمة يقودها أخصائي السلامة والصحة المهنية. هذا الدور يتطلب منه مراقبة مستمرة، تحليل دقيق للمخاطر، وتفاعل مباشر مع العاملين لضمان التزامهم بمعايير الوقاية. فما المسؤوليات التي يتحملها يوميًا لضمان سلامة الجميع؟

تحليل وتقييم المخاطر

يبدأ عمل أخصائي السلامة بتحليل بيئة العمل، وتحديد مصادر الخطر المحتملة، سواء كانت مخاطر فيزيائية مثل الضوضاء والحرارة، أو مخاطر كيميائية ناتجة عن المواد السامة، أو مخاطر ميكانيكية متعلقة باستخدام المعدات. يعتمد في ذلك على تقنيات متقدمة مثل تحليل المخاطر الوظيفي (JHA) ومصفوفة تقييم المخاطر، التي تساعده على تقييم مستوى الخطورة واتخاذ الإجراءات المناسبة لتقليلها.

تطوير وتنفيذ سياسات وإجراءات السلامة والصحة المهنية

بعد تحديد المخاطر، يعمل الأخصائي على وضع سياسات واضحة وإجراءات دقيقة لمنع وقوع الحوادث. تشمل هذه الإجراءات كل شيء، بدءًا من تصميم ممرات آمنة داخل المصانع، مرورًا بتحديد أساليب التعامل مع المواد الخطرة، وصولًا إلى وضع خطط الإخلاء في حالات الطوارئ. كما يتعاون مع إدارات الشركات لضمان تنفيذ هذه السياسات بشكل فعال بحيث تصبح جزءًا من الثقافة التنظيمية بدلاً من أن تكون مجرد تعليمات مكتوبة.

التفتيش الدوري والامتثال للقوانين

يقوم الأخصائي بجولات تفتيشية دورية داخل بيئة العمل، يراقب مدى التزام العاملين بالإجراءات الوقائية، ويتأكد من أن المعدات والأدوات تتوافق مع معايير السلامة. كما يتابع تحديث التشريعات والقوانين المحلية والدولية، ويضمن أن المؤسسة تلتزم بها تجنبًا للمخالفات القانونية والعقوبات التي قد تتعرض لها في حالة الإهمال.

التحقيق في الحوادث وتحليل الأسباب الجذرية

عند وقوع حادث، لا يقتصر دوره على تسجيل الواقعة، فيبدأ بتحليل الأسباب العميقة التي أدت إليه باستخدام تقنيات تحليل السبب الجذري (Root Cause Analysis). يبحث في تفاصيل الحدث، ويدرس السلوكيات البشرية، وطريقة تشغيل الآلات، ومدى فعالية إجراءات الوقاية. الهدف من ذلك ليس فقط معرفة سبب الحادث، ولكن الأهم وضع حلول تمنع تكراره مستقبلًا.

تدريب الموظفين ونشر ثقافة السلامة

لا يمكن لأي إجراءات وقائية أن تحقق نجاحًا دون وعي الموظفين بها. لذلك، يعمل الأخصائي على تنظيم ورش عمل ودورات تدريبية، يشرح فيها المخاطر المحتملة وكيفية التعامل معها. كما يستخدم وسائل حديثة مثل تقنيات الواقع الافتراضي (VR) لمحاكاة سيناريوهات الطوارئ بما يساعد الموظفين على التفاعل مع المواقف الخطرة بطريقة عملية دون تعريض حياتهم للخطر.


المهارات المطلوبة لأخصائي السلامة والصحة المهنية

لضمان أداء متميز في هذا المجال، يجب على أخصائي السلامة والصحة المهنية امتلاك مجموعة من المهارات المتنوعة التي تمكنه من التعامل مع التحديات المختلفة في بيئة العمل. فلنناقش هذه المهارات:

أ. المهارات الفنية والتخصصية

● الإلمام بالمعايير والتشريعات الدولية: يجب أن يكون الأخصائي على دراية بالمعايير والتشريعات الدولية مثل OSHA وNEBOSH وISO 45001 بما يساعده على تطبيق أفضل الممارسات في بيئة العمل.

● استخدام أدوات تحليل المخاطر: يتطلب الدور القدرة على استخدام أدوات مثل مصفوفة تقييم المخاطر وتقنيات تحليل السبب الجذري، لتحديد المشكلات المحتملة قبل وقوعها واتخاذ التدابير الوقائية المناسبة.

● معرفة طرق التعامل مع المواد الخطرة: خاصة في الصناعات الكيميائية والبترولية، يجب أن يكون الأخصائي ملمًا بطرق التعامل الآمن مع المواد الخطرة والوقاية من تأثيراتها الضارة.

ب. المهارات التحليلية

● قدرة عالية على تحليل البيانات والتقارير: يتطلب الدور تحليل تقارير الحوادث والإصابات وتدقيق السلامة وملاحظات مكان العمل لتحديد المخاطر المحتملة وتطوير خطط لمعالجتها.

● التنبؤ بالمخاطر المحتملة: من خلال تحليل البيانات والاتجاهات، يمكن للأخصائي التنبؤ بالمخاطر المستقبلية واتخاذ إجراءات استباقية للحد منها بما يقلل من فرص وقوع الحوادث.

ج. المهارات القيادية والتواصلية

● إقناع الإدارة والموظفين: يحتاج الأخصائي إلى مهارات تواصل فعّالة لإقناع جميع المستويات داخل المؤسسة بأهمية تطبيق إجراءات السلامة، وذلك من خلال تقديم حجج قائمة على البيانات والتجارب السابقة.

● القدرة على التفاعل مع فرق العمل المختلفة: يجب أن يكون قادرًا على العمل بتنسيق مع مختلف الأقسام لضمان تنفيذ تدابير الوقاية بشكل فعّال.

● اتخاذ قرارات سريعة في حالات الطوارئ: يتطلب الدور القدرة على اتخاذ قرارات حاسمة وسريعة خلال الأزمات بما يقلل من تأثير الحوادث ويحمي حياة العاملين.


التحديات التي تواجه أخصائي السلامة والصحة المهنية

لا يخلو دور الأخصائي من التحديات التي قد تعيق أداءه، وتجعل مهمته أكثر تعقيدًا، ومن أبرزها:

نقص الوعي بأهمية السلامة

يواجه الأخصائي تحديًا كبيرًا يتمثل في عدم إدراك بعض أصحاب العمل والموظفين لأهمية إجراءات السلامة، حيث يُنظر إليها أحيانًا على أنها قيود تعيق الإنتاجية. وقد يؤدي هذا إلى عدم التزام الموظفين بالتدابير الوقائية، مما يزيد من خطر وقوع الحوادث.

مقاومة التغيير داخل المؤسسات

في كثير من المؤسسات، تواجه أي محاولات لتغيير سلوكيات العمل أو تطبيق أنظمة جديدة مقاومة من العاملين، خاصة إذا اعتادوا على طرق عمل قديمة. وقد يجد أخصائي السلامة صعوبة في إقناع الموظفين والإدارة بضرورة الالتزام بالمعايير الحديثة للسلامة والصحة المهنية.

تحديث المعرفة ومواكبة التشريعات

يتغير مجال السلامة والصحة المهنية بسرعة، مع ظهور تقنيات جديدة وتشريعات محدثة تفرض متطلبات أكثر صرامة. يتعين على الأخصائي أن يواكب هذه التطورات، ويحرص على تحديث معرفته باستمرار من خلال الدورات التدريبية والمؤتمرات المهنية.

التعامل مع بيئات عمل عالية الخطورة

في بعض القطاعات مثل النفط والغاز، والتعدين، والصناعات الكيميائية، يكون مستوى الخطر مرتفعًا جدًا، ويتطلب الأخصائي إجراءات صارمة ومتابعة دقيقة للحد من الحوادث القاتلة بما يجعله تحت ضغط مستمر للحفاظ على أعلى مستويات الأمان.

نقص الموارد والدعم من الإدارة

بعض المؤسسات لا توفر ميزانية كافية لتطبيق إجراءات السلامة الحديثة، فتضع الأخصائي أمام تحدٍ كبير في تحقيق الأمان بأقل الإمكانيات المتاحة. وقد يجد نفسه مضطرًا للعمل بدون المعدات والبرامج الضرورية لضمان بيئة عمل آمنة.


كيف سيتطور دور أخصائي السلامة في المستقبل؟

بزيادة الوعي بأهمية بيئة العمل الآمنة، يشهد مجال السلامة والصحة المهنية تطورات كبيرة من شأنها أن تغير دور الأخصائي في المستقبل. ومن أهم هذه التطورات:

الاعتماد على التكنولوجيا الحديثة

بدأت تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء (IoT) تلعب دورًا متزايدًا في تحليل المخاطر والتنبؤ بالحوادث قبل وقوعها. أصبح بإمكان الأخصائيين استخدام أجهزة استشعار متطورة تراقب ظروف بيئة العمل وتنبههم إلى المخاطر المحتملة بما يساعدهم على اتخاذ إجراءات استباقية.

التدريب عبر تقنيات الواقع الافتراضي (VR)

أصبح بإمكان الأخصائيين تدريب الموظفين على سيناريوهات الطوارئ باستخدام تقنيات الواقع الافتراضي بما يجعل التدريب أكثر واقعية وتأثيرًا دون تعريض العمال للخطر الحقيقي.

التشريعات الأكثر صرامة

بدأت الحكومات في فرض قوانين أكثر صرامة على الشركات بما يعزز دور أخصائي السلامة ويجعله أكثر أهمية داخل المؤسسات، حيث أصبح الامتثال للوائح التنظيمية شرطًا أساسيًا لاستمرار الشركات.

التركيز على الصحة النفسية بجانب السلامة الجسدية

لم يعد مفهوم السلامة يقتصر على الوقاية من الحوادث الجسدية فقط، ولكنه بدأ يشمل أيضًا الصحة النفسية للموظفين. في المستقبل، سيزداد دور الأخصائي في تقييم بيئات العمل النفسية وتقليل الإجهاد والتوتر المهني.


كيف تصبح أخصائي سلامة وصحة مهنية ناجحًا؟

للوصول إلى مستوى عالٍ من الاحترافية في مجال السلامة والصحة المهنية، يحتاج الأخصائي إلى تطوير مجموعة من المهارات والخبرات الأساسية. وإليك الخطوات التي تساعدك على النجاح في هذا المجال:

الحصول على الشهادات المهنية المعتمدة

من الضروري الحصول على شهادات متخصصة مثل:

● شهادة OSHA (معايير السلامة والصحة المهنية).

● شهادة NEBOSH (المعترف بها دوليًا في إدارة المخاطر).

● شهادة ISO 45001 (المتعلقة بأنظمة إدارة السلامة والصحة المهنية).

هذه الشهادات تمنح الأخصائي معرفة متعمقة بالإجراءات العالمية، وتعزز فرصه المهنية.

اكتساب الخبرة الميدانية

الدورات التدريبية وحدها لا تكفي، إذ يجب العمل في بيئات حقيقية والتعامل مع تحديات السلامة على أرض الواقع. يساعد ذلك على بناء المهارات اللازمة في التقييم العملي للمخاطر والتعامل مع الحوادث بشكل احترافي.

تطوير مهارات التواصل والإقناع

نجاح الأخصائي لا يعتمد فقط على معرفته الفنية، ولكن على قدرته على إقناع الإدارة والموظفين بأهمية السلامة. يحتاج إلى تقديم برامج توعوية أو استشارات تدريبية في معاهد معتمدة بطرق جذابة وتفاعلية لضمان التزام الجميع بالإجراءات الوقائية.

متابعة التطورات والتشريعات الجديدة

يجب أن يكون الأخصائي على اطلاع دائم بأحدث القوانين والتقنيات في مجال السلامة من خلال حضور المؤتمرات، وقراءة التقارير المتخصصة، والانضمام إلى الجمعيات المهنية.

التحلي بالمرونة واتخاذ القرارات الحاسمة

في أوقات الأزمات، يجب على الأخصائي أن يكون سريع الاستجابة، قادرًا على اتخاذ قرارات حاسمة تحمي الموظفين وتقلل من الأضرار مع الحفاظ على هدوئه أثناء المواقف الطارئة.


السلامة مسؤولية تقع على عاتق الجميع لكن دون وجود أخصائي محترف يقود هذه الجهود، تبقى القوانين مجرد أوراق، والإجراءات مجرد نظريات.


في النهاية، السؤال الذي يجب أن تطرحه كل مؤسسة على نفسها ليس هل لدينا إجراءات سلامة؟ ولكن هل هذه الإجراءات كافية حقًا لحماية موظفينا؟ لأن الوقاية دائمًا أقل تكلفة من دفع ثمن الإهمال.


الأسئلة والاجوبة الشائعة

  من أهم المعايير الدولية المعتمدة في مجال السلامة والصحة المهنية:

  • OSHA: معايير السلامة والصحة المهنية الصادرة عن إدارة السلامة والصحة المهنية الأمريكية.
  • NEBOSH: شهادة معترف بها دوليًا في إدارة المخاطر والسلامة.
  • ISO 45001: المعيار الدولي لأنظمة إدارة السلامة والصحة المهنية.


يحتاج أخصائي السلامة إلى:

  • المهارات الفنية: مثل معرفة التشريعات الدولية وأدوات تحليل المخاطر.
  • المهارات التحليلية: مثل تحليل البيانات والتنبؤ بالمخاطر.
  • المهارات القيادية والتواصلية: مثل إقناع الإدارة والموظفين بأهمية السلامة.


من أبرز التحديات:

  • نقص الوعي بأهمية السلامة بين الموظفين.
  • مقاومة التغيير داخل المؤسسات.
  • التعامل مع بيئات عمل عالية الخطورة مثل الصناعات الكيميائية والتعدين.
  • نقص الموارد والدعم من الإدارة.


يمكن تقليل الحوادث من خلال:

  • تحليل وتقييم المخاطر بشكل دوري.
  • تطوير سياسات وإجراءات سلامة واضحة.
  • تدريب الموظفين على إجراءات السلامة.
  • التحقيق في الحوادث وتحليل الأسباب الجذرية لمنع تكرارها.


يستخدم أخصائي السلامة أدوات مثل:

  • مصفوفة تقييم المخاطر: لتحديد مستوى الخطورة واتخاذ الإجراءات المناسبة.
  • تحليل السبب الجذري (RCA): للتحقيق في الحوادث وفهم الأسباب العميقة.
  • تحليل المخاطر الوظيفي (JHA): لتقييم المخاطر المرتبطة بمهام محددة.


تلعب التكنولوجيا دورًا كبيرًا في تحسين السلامة، مثل:

  • استخدام الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء (IoT) للتنبؤ بالمخاطر ومراقبة بيئة العمل.
  • استخدام الواقع الافتراضي (VR) لتدريب الموظفين على سيناريوهات الطوارئ بشكل آمن.


نعم، السلامة والصحة المهنية لا تقتصر على الحوادث الجسدية فقط، بل تشمل أيضًا الصحة النفسية للموظفين. يمكن لأخصائي السلامة تقييم بيئات العمل النفسية وتقليل الإجهاد والتوتر المهني.


لتصبح أخصائي سلامة ناجحًا، يجب:

  • الحصول على شهادات معتمدة مثل OSHA وNEBOSH  وISO 45001.
  • اكتساب الخبرة الميدانية في بيئات عمل مختلفة.
  • تطوير مهارات التواصل والإقناع.
  • متابعة التطورات والتشريعات الجديدة في المجال.


فوائد تطبيق معايير السلامة تشمل:

  • تقليل الحوادث والإصابات في مكان العمل.
  • تحسين إنتاجية الموظفين ورضاهم.
  • تجنب المخالفات القانونية والعقوبات المالية.
  • تعزيز سمعة المؤسسة كبيئة عمل آمنة.


الخطوات الأولى تشمل:

  • تعيين أخصائي سلامة مؤهل.
  • إجراء تقييم شامل للمخاطر في بيئة العمل.
  • وضع سياسات وإجراءات سلامة واضحة.
  • تدريب الموظفين على الإجراءات الوقائية.


Call Us Whatsapp